الخرطوم – صيف 1977م وأنا أطوف مع الفرقة الإرترية التي كانت تقيم معنا في داخلية الرازي – كلية الطب – جامعة الخرطوم مهداة إلي الشهيدين عمار وحكيم محمود الشيخ محمد طه القدال "إرترا ناي صباح" إذا قالت عروسٌ فوق كفّيها وشاحُ الوردِ والمدفعْ إرترا نا تسيباح وداعبَ قلبَها أملٌ بأن تلقي بخاتَمِها على شرفاتِ بلدتِها لعل عصافرُ الشرفاتِ يوم قدومها تمضي لكلِّ الكونِ .. تخبره بيومِ زفافها الآتِ وأن تلقى أحبتها على أطرافِ بلدتها فيحتملونها شوقاً على خيلٍ كلونِ الصبحِ من ريحٍ سنابكُها وصوب الأمِّ يعتمرون من بركاتها حباً وفاتحةً ويحتلبون ثدي الشمس إيذاناً بيوم السدِ يلتقطون ضوء الشمس ... طرحتها وأطفالاً بلون الأرضِ يأتزرون حبَّ الأرضِ يهتزجون ملحمةًً .. أناشيداً ليوم زفافها الأكبر: ياشهيداً زُفَّ نحو الشمس من دون الورى قبل الأرضَ فهامت شفتانا بالثرى ثائرٌ إبنٌ وأمٌ ثائرة تلكمُ الخرطوم لبّت حين هبّت أسمرا. ثم يمضي موكبُ الأعراسِ يحدو يشتلُ الألحانَ في كلِّ الخنادق يرقصُ الفرسانُ فيها رقصةََ المجدِ عليهم شارةٌ تعلو .. وأضواءُ البنادق وسرايا من شبابٍ كم أحبوها ليالٍ بين غاباتِ المشانق فأذا النصرُ هلالٌ وإذا الموتُ خضابٌ وإذا الساحاتُ تغدو في ضحى العرسِ السُرادق.. ونشيدٌ في فم الثوار يعلو أسمع الشهبَ فقالت: إنها كانت تلظَّى إنهم حقاً بيادق ونشيدٌ في فمِ الثوارِ يعلو: يا نضالاً خطَّ في الصدرِ وشاحا صارتِ الأصفادُ في الأيدي سلاحا بعد عمقِ الجرحِ لن نخشى الجراحا سنطولُ النجمَ كي نلقى الصباحا. وإذا ما ضمّت الأرضُ بنيها وأضاءت قُبلةٌ دفئٍ على دمع العروسه أخرج الفلاحُ فأساً من خزاناتِ المدافع ومضى الفارسُ يحمي يوم عرسِه يا أياديِ قبّلت تلك الخناجر هل تواعدتم على اللقيا على درب المصانع عند أرباض مصوّع؟ يا فتاةً ضمدت يوماً جراحا سوف يزهو الجرحُ يوماً فوق أزهارِ المزارع فوق رمل الشاطئِ الغربييِّ من بحرِ عصب لوّح العرس المزاهر ردد الفرسان للدنيا نشيداً زاحم السحبَ الأعالي: سوف نبني ونغني سنغني كي يقوم الشبلُ فينا مثل خنجر ونغني للتي قالت سلاحي .. عودُها مازال أخضر ونغني لشبابٍ صامدٍ صلدٍ وأقدر ونغني لإرترا يا أرترا يا غدٌ زاهيٍ وأنضر (نوا قونوم كلُّو زُجُك أونو زا دخمو وين طِغمُم نبر ريباح أي تيدللي نيّا إرترا ناي صباح) *****